Hero مـشـرف براحتك
عدد الرسائل : 376 تاريخ التسجيل : 18/08/2007
| موضوع: عن مهرجان دمشق السينمائي في دورته الـ15.....علي سفر الأحد ديسمبر 02, 2007 3:20 pm | |
| مهرجان دمشق السينمائي في دورته الخامسة عشرة بين هاجس الدولية و غياب الإمكانيات ..ما الذي يبقى في ذاكرة الجمهور ..؟ (تنشر باتفاق خاص مع الكاتب) لم تكن الدورة الحالية أو التي أنتهت قبل أيام دورة عادية من دورات مهرجان دمشق السينمائي فهذا المهرجان الذي دارت عجلاته قبل ثلاثين عاماً تقريباً بدأ تاريخياً متفقاً من حيث التوجهات مع الحمولة الفكرية و الأيديولوجية التي كانت تحكم المشهد الذهني السائد في سورية منذ نهاية الستينيات و بداية السبعينيات و عليه فقد جاءت شعاراته الأولى متسقة تماماً و غير متنافرة مع مجمل الشعارات التي كانت تحملها الصحف و الأدبيات السورية انذاك فالحديث في ذلك الوقت - وعلى سبيل المثال - عن سينما تحررية و سينما الطبقة العاملة كان يتفق بالمجمل مع الطروحات السياسية السائدة ..و منذ بداية التسعينيات في القرن المنصرم بدأت ملامح التحول في مسارات المهرجان تتضح لدى المتابع السينمائي و لدى المشاهد العادي على حدٍ سواء حيث تم كسر حاجز مشاركة السينما الأوروبية الغربية و الأمريكية ليصبح وجودها و إن كانت أطروحات الأفلام المشاركة مختلفة عن التوجه الفكري الرسمي أمراً عادياً طالما أن السينما ذاتها قد بدأت تقدم حمولاتها بمعزل تام عن الأنظمة السياسية التي تصنع تحت لوائها .. و تأتي هذه الدورة الخامسة عشرة مختلفة في ذات السياق الذي يفترض أن يكون المهرجان منفتحاً على الأخر عبر إضفاء صفة الدولية عليه حتى وإن لم تأخذ هذه الصفة موافقة اللجنة العالمية المختصة بمنح هذه الصفة..! و أيضاً عبر تحويله إلى مهرجان سنوي تتزامن دورته الجديدة مع كون دمشق عاصمة ثقافية عربية للعام 2008.. و لعل عنصري الاختلاف السابقين يضعان المهرجان و عبر الحيثيات التي رافقته قبل أيام في موضع المساءلة و التفكير به بذاته..! خاصةً و أن المهرجان قد أعتبر دائماً بوابة لطرح المنتج السينمائي المحلي الذي يشكو دائماً من عدم توفر المساحة المناسبة للعرض فضلاً عن التهمة المثبتة عليه بأنه نتاج يتوجه أغلبه للمهرجانات السينمائية أكثر من توجهه لصالات العرض المحلية شبه الغائبة و غير المتوفرة الأستاذ محمد الأحمد مدير عام مؤسسة السينما تحدث و في مؤتمر صحفي ، قبيل إنعقاد دورة المهرجان هذه بثلاثة أشهر عن توجهات إدارة المهرجان السابقة و اللاحقة حين عرض لما تحدثنا عنه من تحولات فقال : " نجحنا مع دخول ألفية جديدة بتحويل المهرجان من اقليمي مرتبط بسينما آسيا والوطن العربي وامريكا اللاتينية الى مهرجان دولي يحتفل بكل سينمات العالم ، نجحنا في نقله من مهرجان يقام كل عامين الى مهرجان يقام كل عام ، كان في السابق يقتصر على عرض 50 أو 60 فيلماً ، وهو اليوم يعرض قرابة 500 فيلم . كما حصل في الدورات الثلاثة السابقة . " غير أن الإنتقادات التي كانت و مازالت توجه للمهرجان إنما كانت تتأتى من هذه الزاوية التي يحاول مدير المهرجان جعلها في مقدمة إنجازات إدارته فكثرة عدد التظاهرات و كثرة عدد الأفلام لم يحقق للمهرجان مجده المفترض إذ أحتوت هذه الدورة على مسابقتين رسميتين للأفلام الروائية الطويلة و القصيرة و على تسعة عشرة تظاهرة سينمائية مختلفة هي : 1- تظاهرة البرنامج الرسمي (تحف السينما لعام 2007) 2- تظاهرة سوق الفيلم الدولي . 3- تظاهرة المخرج السويدي الكبير"إنغمار بيرغمان"، بمناسبة رحيله في العام (2007) 4- تظاهرة المخرج الإيطالي الكبير"مايكل أنجلو أنطونيوني" 5- تظاهرة الممثلة الألمانية الكبيرة "مارلين ديتريتش" 6- تظاهرة أفلام إلفيس بريسلي بمناسبة مرور (30) عاماً على رحيله. 7- تظاهرة"ذاكرة السينما العالمية: الدرر الثمينة" 8- تظاهرة مهرجان المهرجانات( أرفع الأفلام التي عرضت في مهرجانات 2007) 9- تظاهرة السينما الفرنسية 10- تظاهرة السينما المصرية 2006/2007 11- تظاهرة المؤسسة العامة للسينما وأفلامها المعاصرة 12- احتفاءً بالأطفال : تظاهرة سينما الأطفال تظاهرة 13- تظاهرة" موسفيلم " : الأستوديو السينمائي العريق 14- تظاهرة الثنائي الرائع دريد ونهاد 15- تظاهرة تاريخ السينما الجزائرية ،بمناسبة اختيار الجزائر عاصمة للثقافة العربية (2007) 16- تحية إلى المخرج الفرنسي الكبير"لوي مال" 17- تظاهرة المخرج السوري العالمي مصطفى العقاد، بمناسبة استحداث جائزة دائمة تحمل اسمه 18- تظاهرة العروض الخاصة 19- تظاهرة (100) سنة سينما في مصر : المؤسسة المصرية للسينما نموذجاً. فإذا ما نظرنا إلى عدد التظاهرات و أهمية كل واحدة منها يستطيع المشاهد العادي أن يقيم الفرز بين المهم منها و بين الأقل أهمية و بما يدفع بالأسئلة حول ضرورة وجود العديد من هذه التظاهرات ضمن سياق مهرجان يفترض به البحث عن الجديد و التركيز عليه فما الداعي لتكرار تظاهرة أفلام المؤسسة العامة للسينما و السينما المصرية و السينما الفرنسية - على سبيل المثال طالما أن الأعين و العقول يجب أن تتوجه صوب سياق أساسي يتصل بفكرة الجديد ..؟ كما أحتوى النشاط الفكري للمهرجان على عدد من الندوات ذات العناوين العريضة و العريضة جداً دون أن يجد المتابع سبباً حقيقياً و مقنعاً لإدراجها كندوة " الضوء والظل بين فني الرواية والسينما" وندوة "أفاق سينما الديجيتال" وندوة " سينما الأطفال" وكذلك المائدة المستديرة حول الكاتب عبد الحي أديب. و قد أحتوت المسابقتان و كذلك التظاهرات الفيلمية التي قدمها المهرجان على اكثر من مئتين وثلاثين فيلماً من 46 دولة، بينها 7 دول عربية (سوريا ولبنان ومصر وتونس والعراق والمغرب ومصر) بدأت بعرض الفيلم الروماني " أربعة شهور ، ثلاثة أسابيع ويومان " الحائز على السعفة الذهبية في مهرجان كان2007 و الذي تم حذف عدد من مشاهده مما خذل العديدين ممن افترضوا أن اقتران صفة الدولية بالمهرجان لابد سيؤدي إلى غياب مقص الرقيب على الأفلام . و قد لوحظ أن الأفلام المشتركة بالمسابقة الرسمية للفيلم الطويل تنتمي بأغلبها إلى نمط الأفلام قليلة التكلفة و قد تم إستبعاد الأفلام ذات الكلفة الكبيرة والمتوسطة و هذا ما عبر عنه رئيس لجنة المشاهدة حسن سامي يوسف و الذي نقل عنه الزميل راشد عيسى في جريدة السفير قوله أن "ميزة اختيارات هذا العام انصبت على الأفلام ذات الكلفة المنخفضة التي تشبه سينمانا العربية من حيث الكلفة، وتجاوزنا الأفلام من نوع الإنتاج الضخم، لأنها كتحصيل حاصل ليست مجالاً للمقارنة، وربما يكون لها مناسبات أخرى للعرض. فحتى الفيلم الأميركي المشارك هنا هو فيلم ذو كلفة بسيطة. كذلك الفيلم الألماني والأرجنتيني والروسي" و قد بدا تصريح رئيس لجنة المشاهدة متناقضاً مع تصريح مدير المهرجان في اللقاء الذي نشرته نشرة المهرجان في عددها الأول و الذي قال فيه " ما يكرم في السينما ليس التقنية ، و ليس التكلفة الضخمة ، و إنما الموضوع و أستطيع أن أؤكد من خلال متابعتي أن أفلام السعفة الذهبية في مهرجان "كان" كانت بمعظمها ذات الإنتاجات قليلة التكلفة ، بمعنى أن التكلفة ليست معياراً أبداً " ..! و لكن هل يصح أن يقام مهرجان سينمائي و ضمن اعتبارات التحول إلى الدولية مع الإبقاء على معيار يقوم على مقاربة ظروفنا الإنتاجية المحلية و الإقليمية ؟ وهل يجوز أن يتم اختراع جوائز من أجل إرضاء من يجب أن يتم إرضائهم كجائزة أفضل فيلم عربي التي بدت نافرة عن السياق..؟ و في المقابل جرى حشد العشرات من الأفلام المتباينة المستوى ( 54 فيلم ) ضمن مسابقة الأفلام القصيرة و التي شبه الكثير منها بالأفلام الإعلانية التي تمر بشكل عابر على الفضائيات العربية مما وضع هذه الأفلام أمام أسئلة قاسية حول كيفية اختيارها و كأنها لم تمر على لجنة انتقاء تفرز الجيد عن السيئ منها..؟! و بعيداً عن تفاصيل المسابقات المهرجانية و التي يتداخل فيها البعد السياسي مع البعد الفني كانت التظاهرات الخاصة ببيرغمان و أنطونيوني و مارلين ديتريتش و لوي مال فرصة جميلة للمشاهدين و لا سيما جيل الشباب الذي لم تسنح له الظروف سابقاً متابعة أي من أعمال هؤلاء .. و في جانب أخر ظلت تظاهرة مهرجان المهرجانات في موقع متقدم على التظاهرات الأخرى و ذلك لكونها تفسح المجال لمشاهدة أهم الأفلام التي حققت جوائز في المهرجانات العالمية .. جوائز ..جوائز ..
الجوائز التي وزعتها لجانتا التحكيم في اليوم الأخير للمهرجان لم تخرج عن المعيارية الافتراضية التي حكمت اختيار الأفلام ذاتها حتى أن بعض من تابع الأفلام بدقة راى فيها تداخلاً ما بين السياسي و الفني إذ حاز الفيلم الايراني «انه الشتاء» بالجائزة الذهبية والفيلم التركي «أزمان ورياح» بالجائزة الفضية والفيلم السوري خارج التغطية بالجائزة البرونزية. وفي مسابقة الافلام القصيرة فاز الفيلم الفرنسي «ارفع سماعة الهاتف» بالجائزة الذهبية والفيلم السوري «مونولوج» بالجائزة الفضية فيما نال الفيلم الهنغاري وقائع المحكمة الجائزة البرونزية. ونال الممثل الأرجنتيني خوليو تشافيز جائزة افضل ممثل عن دوره في فيلم «الآخر» كما نالت بطلات الفيلم اللبناني سكر بنات جائزة أفضل تمثيل نسائي. وفاز المخرج الايطالي ماركو بيلو كنوب بجائزة المخرج السوري العالمي الراحل مصطفى العقاد عن فيلم مخرج حفل الزفاف. ونال الفيلم التونسي كحلوشة جائزة لجنة التحكيم الخاصة للأفلام الطويلة فيما فاز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة للأفلام القصيرة الفيلم المغربي «آخر صرخة». وفاز الفيلم المصري «في شقة مصر الجديدة» بجائزة أفضل فيلم عربي روائي طويل مشارك في المهرجان. و بعد .. مهرجان دمشق السينمائي في دورته الخامسة عشرة رغم كل الجهود التي بذلت لإنجاحه لم يأت بالحمولة المعتادة التي كان الجمهور السوري يخرج بها دائماً من متابعته لتفاصيله ، فإذا كانت الترتيبات الأساسية التي أقيمت على الأرض من توفير صالات وتأمين فرص المشاهدة و غيرها .. و التي نجحت إدارة المهرجان في إثبات إمكانياتها فيها تحسب لها و تصنع صورة جيدة لمهرجان عريق.. إلا أن هذا يجب ألا ينسينا أن هذا المهرجان ذاته قد أمسى يواجه منافسة قوية و شرسة من مهرجانات أخرى مستجدة كمهرجان الشرق الأوسط في أبو ظبي و مهرجان دبي فضلاً عن تنافسه مع مهرجانات عريقة كمهرجان قرطاج و القاهرة و الإسكندرية و عليه فإن هناك عناصر يجب ألا تغيب عن جدول أعمال المهتمين بإنجاحه كعنصر البحث عن الإمتاع في عروض المهرجان و كذلك توفير الدعم المالي لجلب أهم العروض السينمائية الحديثة و دعوة نجوم السينما العالمية ممن يحقق حضورهم رسالةً تفيد بأهمية سورية و أهمية مهرجانها السينمائي ..فإذا كنا عاجزين عن تحقيق مثل هذه الشروط التي تجعل من صفة " الدولية " أمراً متحققاً فإنه من الأولى بالقيمين على المهرجان مراجعة توجهاتهم حول مسألة الصفة الدولية و ربما يكون من الأجدى بهم التوجه صوب فكرة مهرجان محلي أو إقليمي بديل يتناوب مع المهرجان " الدولي " و بما يخلق حافزاً لدى السينمائيين السوريين للعمل ضمن الشروط المحلية و بشكل ينشط الإنتاج السينمائي السوري و يركنه في زاوية يستطيع من خلالها إثبات ذاته كعمل يتوجه لمشاهد محلي بدلاً من جعله إنتاج مهرجاني لا يراه الجمهور إلا مرة كل عامين أو مرة كل عام كما تقترح علينا فكرة تحول المهرجان إلى سنوي ..!! | |
|